21‏/06‏/2011

أردوغان ينبح نبحتين فنجعله بطلنا

منذ انطلاق الفضائيات المستعربة الممولة من مشايخ أمريكا الخليجيين و كل همها تشويه صورة رجال عرب عظام و شيطنتهم من أمثال جمال عبد الناصر و غيره من الصور الناصعة في تاريخنا و الهدف ليس طبعا عبد الناصر كشخص و انما كرمز جامع توحدت الشعوب العربية حوله كبطل عربي قاوم الهيمنة الاستعمارية على المنطقة و عمل على انتهاج سياسة مستقلة لا تابعة و منبطحة و متخاذلة على عكس شيوخ الخليج هذا الرمز لم يغفروا له مقاومته لقوى الهيمنة فلحقوا به الى القبر بعد 40 عام من وفاته فخرجوا علينا بالعديد من برامجهم المسمومة في الجزيرة و العربية و من لف لفهم لتشويه صورته و الافتراء على رمزيته و تلميع صورة خصومه من الاخوان المسلمين و قوى الظلام الأخرى التي استخدموها في مواجهته و محاولة افشاله في حينه.
وبالمقابل هؤلاء أنفسهم من اعلام و أحزاب عميلة الذين يغيظهم وجود أبطال عرب مقاومين  يعملوا على ترويج أبطال و رموز مستوردين ممن ترضى عنهم أمريكا فما القصة.
هذا الاعلام المستعرب تابع الانتخابات التركية يوما بيوم و كأنها كل همنا و بفوز حزب أردوغان احتفلوا و طبلوا و زمروا و كأنه غدا ماض لتحرير فلسطين لنا فكيف نفهم ذلك لفهم ذلك نعود الى من يملك هذا الاعلام و ما هي سياسته فمن يملك هذا الاعلام هم أتباع أمريكا في المنطقة و مما يسلطوا الضوء عليه في تغطيتهم بأمكاننا أن نفهم ماذا تريد أمريكا و ما هي رسالتها و سأشرح بالتفصيل ما يجري و لماذا صناعة النجم أردوغان .
طبعا من يعرف و من  زار دول مختلفة يدرك بأن ما يقدمه الاعلام بعيد تماما عن أرض الواقع و معظمه كاذب و مفبرك و مبرمج ليقدم  لنا الصورة التي يريدونها فيشيطنوا ملائكة و يعظموا شياطين.
لنفكر قليلا بمنطق ان تركيا دولة علمانية منذ عهد أتاتورك و العلمانية محمية بقوة من قبل الجيش و لا يمكن لأحد أن يصل الى الحكم خارجا عن هذا الخط و اللاعبون السياسيون في تركيا يلعبون ضمن قواعد هذه اللعبة و الأمر ليس ورديا كما يتصوره البعض حرية و ديموقراطية و حقوق انسان و نزاهة ففي تركيا يوجد مافيات حقيقية تمسك  باقتصاد البلد و تتقاسمه و تحدد سياساته أما رجال السياسة فهم اما تابعين لزعماء هذه المافيات أو هم أنفسهم يملكون مافيا خاصة بهم و بالتحالف مع جنرالات الجيش و اذا ما خالف سياسي ما هو مسموح به يتم ابعاده على الفور و لا أحد يسأل عنه فهم يملكون الاعلام و المال و هم من يوجه الرأي العام سواء عن طريق الاعلام أو عن طريق ابتزاز العمال في لقمة عيشهم لدى رجال الأعمال و أكبر مثال على ذلك ابعاد أربكان و سجنه و حل حزبه و كأنه لم يكن فلو أن الأمر حرية و ديموقراطية أين أنصاره و أتباع حزبه لم يدافع عنه أحد عندما أرادت المؤسسة العسكرية تنحيته اذا ان الانتخابات الحرة و النزيهة ما هي الا استعراض و لعبة اعلامية لا أكثر و لا أقل يفوز بها الوجه المطلوب لهذه المرحلة مثلما يحدث في الانتخابات الأمريكية ها هم جاؤونا بأوباما على أساس أنه نصف مسلم و هلل له الأعراب فتبين أنه أسوأ من بوش علينا .

نعود الى أردوغان لنتذكر كيف فاجأنا جميعا عندما وقف و صرخ في وجه بيريز بطريقة استعراضية في مؤتمر دافوس 2009 فصفقنا و هللنا له مع أنه لم يدعم ذلك بأي اجراء عملي على صعيد العلاقات التركية الاسرائيلية مجرد نبحتان استعراضيتان لا أكثر و لا أقل ثم بعد ذلك جاءت قصة سفينة مرمرة لكسر الحصار عن غزة و الهجوم الاسرائيلي العنيف و على غير العادة على تلك السفينة فقد سيرت قبل ذلك العديد من قوافل كسر الحصار عن غزة و لم تتعامل اسرائيل معها بهذه الطريقة 
هل لنا أن نفكر أن تعمد اسرائيل بالقتل مع مرمرة هدفه اثارة ضجة اعلامية كبيرة في سياق صناعة بطل و نجم و رمز لنا هو أردوغان و بالطبع خرج أردوغان فهاجم اسرائيل بخطاب ناري دون أفعال كما يقال أرى جعجعة و لا أرى طحينا ثم تبع ذلك بمواقف اتجاه المقاومة و غزة و كلها كلام بكلام و هكذا نجحوا بتحويله الى بطل و رمز في نظرنا .
ان السماح بنجاح اردوغان و حزبه في الانتخابات السابقة و الحالية لم يكن الا في اطار الدور الذي تريد أن تعطيه أمريكا لتركيا في المنطقة بعد أن انتهى دورها في صد الاتحاد السوفييتي و المد الشيوعي فوجب تغيير وجهها العلماني و تهيئتها بقناع و زعيم اسلامي سني لأسباب و أهداف عدة :
 1-   تريد أمريكا أن تقدمه نموذجا للحكم للعرب كبديل عن النماذج الحالية كزعيم اسلامي اخواني و في نفس الوقت يقيم أفضل العلاقات مع أمريكا و اسرائيل و هم يعملون على ذلك حاليا في مصر بتسويق الاخوان المسلمين و تونس بتسويق الغنوشي  و يطمحون لتمكين الاخوان في سورية و ها هو البينوني يريد الحصول على الكرت الأخضر بمغازلة اسرائيل.
2-يريدونه ان يقود حلف سني  في مواجهة ايران و المقاومة في المنطقة و تحويل الصراع من صراع عربي اسرائيلي الى صراع سني شيعي تكون فيه ايران و الشيعة العدو و تصبح فيه اسرائيل صديق على قاعدة عدو عدوي صديقي و يتم في اطاره تصفية القضية الفلسطينية.
3-أمريكا و الغرب تريد من تركية أن تقود دول المنطقة و تدير اللعبة في الساحة من خارج العرب.
 طبعا الكثيرون رأوا في مواقف أردوغان الأخيرة اتجاه سورية تغيرا في سياسته و انقلابا و هذا غير صحيح فهذا هو موقف و سياسة أردوغان الحقيقية و ما المواقف و العلاقات الودية السابقة الا لعبة بهدف العبور الى المنطقة و محو الصورة السوداء الموجودة في مخيلة العرب و السوريين تحديدا اتجاه العثمانيين و احتلالهم و ظلمهم و تجويعهم لأبناء شعبنا.

لذلك علينا أن نكون حذرين و نبحث عن أبطال صادقين حقيقيين من وسطنا و لا نستورد أبطال و نجوم مصطنعين يفرضون علينا من الخارج بعناوين دينية و يخدمون أهداف من صنعهم وهو ما تحاول الفضائيات المستعربة أن تسوقه لنا .