20‏/07‏/2011

أكذوبة الفتوحات الاسلامية

 هل تساءل أحد هل يعقل أن تكون الفتوحات الاسلامية أكذوبة لا وجود لها و أن الواقع كان غير ذلك تماما هل يعقل أن تاريخنا الذي حشوا رؤوسنا به لم يكن سوى روايات أدبية و فبركات و تزوير و تحريف لما جرى فعلا.
 طبعا سنجد صعوبة قصوى و رفض لتصديق ذلك فكيف يمكن  أن نفسر انتشار الاسلام و وجود تلك الدولة و أسماء الفاتحين من خالد ابن الوليد الى عمر بن العاص الى موسى ابن نصير الى طارق بن زياد و بطولاتهم و معاركهم وقبلهم معارك انتصار المسلمين على الكفار بدر و أحد و الخندق و بطولات جماعة الرسول القليلة التي انتصرت على الكثرة بمشيئة الله و غيرها.
 و أنا أقول أن التاريخ يكتبه المنتصرون و أهل السلطة والمال و الباقون و لا يبقى أي صوت للمهزوم و المندثر و لا روايته و وجهة نظره في الأحداث .
كيف يمكن فهم ذلك لنفهم ذلك علينا أن ندرك أن التاريخ يعيد نفسه و لكي نفهم الماضي و ما جرى فيه فعلا يجب أن نرمي وراء ظهورنا التاريخ المكتوب و ننظر الى الحاضر و نسقط أحداثه على الماضي فالحاضر صورة مكررة لما جرى في الماضي و لما سيجري في المستقبل هذه ليست أحجية و سأضرب أمثلة من الحاضر على ذلك و كيف تم و يتم قلب الحقائق و تزويرها أمام أعيننا لتسهيل فهم ما أقول.
اذا جئنا مثلا الى تاريخ آل سعود القريب فهم بحكم كونهم أصحاب السلطة و المال كتبوا تاريخهم كما يريدون فيدرسون في مناهجهم كيف انتصر ابن سعود البطل على آل الرشيد و هزمهم و وحد القبائل تحت لوائه و أقام مملكة آل سعود الشاسعة هذه الصورة التي دست في تاريخ المنطقة صورة صراع بين آل سعود و آل الرشيد انتصر في نهايته آل سعود و اندثر آل الرشيد و لكن اذا جئنا الى الصورة الحقيقية الكاملة و ليست المحرفة و المجتزأة التي أزيح منها دور الامبراطوريتين البريطانية و العثمانية اللتين كانتا مهيمنتين على المنطقة و كانتا تديران خيوط اللعبة فيها سنجد أن ابن سعود لم يكن الا لاجئا عند آل الصباح في الكويت ثم جاء به الانكليز و وضعوه في الواجهة لمحاربة آل الرشيد الذين كانوا متحالفين مع العثمانيين و بالتالي الصراع كان انكليزيا عثمانيا و ليس سعوديا رشيديا و سنجد أن القوات التي حاربت آل الرشيد كانت بريطانية بادارة المفوض البريطاني السير برسي كوكس و ليس جيش ابن سعود القبائلي العرمرم بدليل مقتل قائد مدفعية ابن سعود الضابط الإنجليزي الكابتن شكسبيرفي معركة مع آل الرشيد و من ثم كان انتصار ابن سعود على ابن الرشيد في حقيقته انتصار للامبراطورية البريطانية على الامبراطورية العثمانية و من ثم نصبت بريطانيا ابن سعود سلطانا ثم ملكا و سمت المملكة باسمه و هي من كانت تدفع رواتبه و هي التي حمته و ضمنت استمرار حكمه و من ثم سلمت الراية للأمريكيين بعد سقوطها كامبراطورية بعد الحرب العالمية الثانية و ما زالت هذه الأسرة تحت الرعاية الأمريكية الامبراطورية الجديدة المهيمنة على العالم .
المثال الآخر قيام دولة اسرائيل و استمرارها و انتصاراتها فاذا عدنا الى عام النكبة 48 سنجد أن الجيوش العربية المنوط بها محاربة العصابات الصهيونية كانت بقيادة الملك عبد الله الأردني الذي كان تحت الادارة البريطانية و أن قادة جيشه كانوا ضباطا بريطانيين فهل يعقل أن بريطانيا التي أعطت وعد بلفور و عملت على نقل اليهود الى فلسطين و الملك عبد الله الذي تعاطف مع ضرورة اقامة وطن لليهود مثلما تعهد للانكليز هل يعقل أن يعملوا جديا على طرد الصهاينة من فلسطين هل يعقل ذلك  الأمور واضحة لكل عاقل حاميها حراميها و حرب ال 48 لم تكن الا لعبة و مسرحية استلام و تسليم هذه مصالح و لعبة أمم و امبراطوريات و ليست مسألة حق و باطل أو يهودي و مسلم و مستوطنة هنا و هناك و أقصى و هيكل.
نأتي بعد ذلك الى مثال قريب وهو حرب الخليج الأولى بعد اجتياح صدام للكويت و من ثم التحالف الدولي بقيادة أمريكا الذي قضى على جيش صدام لنتخيل أنفسنا بعد ألف عام و بعد أن تكون الامبراطورية الأمريكية اندثرت و تحولت الى دولة عادية أو دول كما حصل مع الامبراطوريات السابقة أليس من الممكن أن نقرأ في كتب التاريخ حينها أن آل الصباح بقيادة جيش عرمرم من ألفي شخص هجموا بسيوفهم على عدو الله صدام حسين الذي اعتدى عليهم و بمشيئة الله انتصروا على جيشه المليوني الكافر و دمروه و تغيب طبعا من الصورة القوات الأمريكية و التحالف الدولي فنصبح أمام حرب خليج بين صدام و آل الصباح انتصر فيها القلة على الكثرة الظالمة بعون الله .
و اذا أخذنا حرب الخليج الثانية نصبح بعد ألف عام أمام صورة أحمد الجلبي بقيادة شلته المعارضة ينتصر على صدام و جيشه و يدمر دولته و يأتونا بالدليل وهو صورة الفاتح أحمد الجلبي يرتدي البرنيطة و اللباس العسكري الأمريكي و يتبختر أمام الدبابات الأمريكية داخلا العراق .
ألم نر بأم العين كيف تم تحويل الصراع الأمريكي السوفييتي على أفغانستان الى حرب المسلمين على الكفار الروس .
ألا نرى بأم العين كيف أن الهجوم الأمريكي لاستكمال الهيمنة التامة على منطقتنا يعطيه عملاؤها العرب عنوان صراع سني شيعي لاضعاف شعوب المنطقة و تشتيتها لتمهيد الأرض و تسهيل المهمة على الأمريكي و تبرير العمالة له. 
 ألا نرى كيف خدعونا بقصة ثورة شعبية شاملة على القذافي شارفت على الاطاحة به بيومين ليتبين أنها ليست سوى  فبركات اعلامية اشترك فيها الاعلام الصهيوخليجي مع عصابات دينية و قبلية لتسويق التدخل الأطلسي لتدمير ليبيا و وضع يده على نفطها . 

ألم نر أن همروجات الاستقلال العربي بعد الحرب العالمية الثانية لم تكن الا خروج طوعي للامبراطورية البريطانية و الفرنسية بعد أن أنهكتهما الحرب العالمية الثانية فآثرت أن تخرج بجيوشها المكلفة  و نصبت حكام وكلاء محليين لها يضمنون مصالحها و من ثم ورثتهم أمريكا .
   بعد هذه الأمثلة لنعود الى التاريخ الاسلامي و نشأته فنجد غياب تام من المشهد للامبراطوريات التي كانت تدير خيوط اللعبة الدولية حينها و هي بيزنطة و فارس الساسانية  فلا نجد في الروايات الاسلامية الا قصص غزوات لقلة بقيادة محمد و أتباعه المسلمين تنتصر بعون الله على الكثرة الكافرة و هكذا تستمر الانتصارات و الفتوحات السريعة العجائبية اللامنطقية لجماعاته البدوية من بعده على الكثرة المعادية و لا نعلم ماذا كان يفعل الفرس و بيزنطة حينها هل كانوا جالسين يتفرجون و هم  أكبر امبراطوريتان متمرستان ذات تاريخ طويل في السياسة و الحروب و ادارة المعارك موجودون في المنطقة أم هم من كان يدير الصراع و لم يكن محمد و المسلمون سوى حلفاء الفرس بينما كفار قريش حلفاء بيزنطة فالدعوة الاسلامية لم تكن بالشكل الذي نعرفه اليوم بل كانت دعوة في أساسها مسيحية نسطورية مدعومة فارسيا في مواجهة قريش مسيحية مدعومة بيزنطينيا  و انتهى الصراع بانتصار الفرس و حلفائهم بداية و من ثم حصل انهاك كل من الامبراطوريتين الفارسية و البيزنطية لبعضهم البعض و ليس على يد قبائل بدائية اسلامية .

و ان عدم قدرة الامبراطوريتين على الاستمرار في تحمل تكاليف الامبراطوريات و الاحتلال المباشر دفعهم الى الانسحاب و تسليم الحكم لوكلائهم و أعوانهم المحليين العرب  مثلما فعل البريطانيون و الفرنسيون مع حكام الخليج و المنطقة عند انسحابهم بعد الحرب العالمية الثانية و انهائهم الاحتلال المباشر و التحول الى الشكل الامبريالي و هكذا لم يكن هناك حقيقة لا حروب و لا معارك طاحنة اسلامية يحارب فيها خالد ابن الوليد ضد أكبر امبراطوريتين في آن واحد فينتقل من جبهة الى أخرى بسرعة البرق و يحقق انتصارات ساحقة غير معقولة على جيوش تزيد جيشه بعشرة أضعاف و بعد ذلك يدير عمر ابن الخطاب شخصيا معارك فتح فارس من على بعد مئات الأميال وهو جالس في المدينة المنورة ربما بالأقمار الصناعية مما أدى لظهور ما نسميه اليوم الدولة الاسلامية و التي لم تكن اطلاقا كما نتخيلها اليوم بل كان انسحابا امبراطوريا طوعيا و تسوية بين امبراطوريتين أدى الى نشوء ما نعرفه اليوم بالدولة الاسلامية و التي لم تكن اطلاقا كما نتصورها اليوم دولة قوية موحدة متماسكة بل استمر الصراع فيها بين عناصر التسوية حلفاء الامبراطوريات السابقة بين مد و جزر - كما في الحالة اللبنانية الراهنة - و تجسد بالصراع على الخلافة منذ اليوم الأول لوفاة محمد بين أبناء قريش أنفسهم من مؤمنين أوائل و مشركين سابقين و ما  الانقسام و الصراع السني الشيعي فيما بعد الا استمرار لصراع الغساسنة و المناذرة بمعنى وراثة شيعة أهل البيت للمناذرة الموالين للفرس و وراثة معاوية و السنة فيما بعد  للغساسنة الموالين لبيزنطة و أعطي الصراع اطارا دينيا بدلا من الاطار القبلي و لو أن بيزنطة  و الفرس استمروا كامبراطوريتين فهل كنا سنرى اليوم اسلام و مسلمين و قرآن و سيرة و حديث  .
ألسنا بحاجة الى اعادة قراءة للتاريخ في صورته الكاملة و بجميع مكوناته و لاعبيه الأساسيين و ليس الكومبارس الذين نقرأ اليوم عنهم و نحفظ سيرهم و نلصق بهم انتصارات عجائبية مخالفة للمنطق و العقل انتصارات يتدخل فيها الله شخصيا بأعاصيره و حيله لنصرة مناصريه القلة على أعدائهم الكثرة و قبلها يرسل طيور أبابيل لترمي حممها على أعدائه و لا نجد أي لقى أثرية تدل على تلك المعارك و ذلك التاريخ المزعوم و لا نجد ذكر غير اسلامي لتلك المعارك و لتلك الدعوة المحمدية .
و هل يمكن أن نتصور لو لم ينتصر أبو بكر على مسيلمة الكذاب و يقتله لو حدث العكس هل كنا سنشهد اليوم اسلام و نقول محمد صلى الله عليه و سلم بينما نقول مسيلمة الكذاب أم كنا سنقول عكس ذلك و نكون أمام دين آخر.