رجال الدين و ما أدراك ما رجال الدين انهم كانوا اخوانا للشياطين

تسود عالمنا العربي و الاسلامي ظاهرة غريبة لا مثيل لها في العالم أجمع و هي تصدي رجال الدين لمختلف مناحي الحياة فهم لا يفهمون في الدين فقط بل مواهبهم و اختصاصاتهم لا تعد و لا تحصى فهم علماء في السياسة و العسكرة و الطب و علم النفس و الجيولوجيا و الفضاء و الفلك و الاجتماع و الاقتصاد و النفط و الطاقة و المياه و الطبيعة و الوراثة و الفن و الأزياء و القصات و الادمان والتوليد و الدعارة . بمعنى آخر لا يوجد شيء في الكون لا يفهمون فيه أكثر من أهل العلم و الاختصاص و لم لا ما دمنا نسميهم علماء و يتصدرون المجالس و الشاشات و الفضائيات و الجامعات و ما دام هناك جمهور يتقبل و يصدق كل ما يقولونه و يشتري بضاعتهم الفاسدة من أكاذيب و نفاق و جهل و فتن و تحريض و تضليل و تزوير و مصالح خاصة و يثريهم اثراء فاحشا دون تعب و جهد يذكر فيلقون الكلام على عواهله كما يشاؤون و دون أي خوف من عواقب و مساءلة و تكذيب فهم يدركون بأن ما يقولونه منزل لدى جمهورهم و سيردد الآلاف ان لم يكن الملايين خلفهم آمين .فتراهم و خصوصا وقت الأزمات ينغلون كالدود على الشاشات يفتون و يضربون و يطرحون بفتاوى متناقضة و غير معقولة و كل بحسب مصالحه و مصدر تمويله فلا تعرف من الصادق و من الكاذب منهم و متى يكون صادقا و متى يكون كاذبا و من في الأعلى و من في الأسفل و كل منهم يقدم نفسه على أنه هو العالم و العارف و وكيل الله الحصري في الأرض .
و السؤال اذا كان الله واحدا و مصدر التشريع واحدا و اذا كانوا يعرفون الله كما يدعون و يميزون الحق من الباطل و الخير من الشر فلم هذا التناقض و التعاكس بين فتاوى المفتين المختلفين في نفس الأمر و الموقف و بين فتاوى المفتي نفسه في نفس الأمر و الموقف مع تغير الأشخاص و المصلحة .
قد تجدون بأني أتحدث عموميات لذلك سأحدد مع ما يجري الآن على الساحة العربية وهو المثال الأقرب .
مع انطلاق الثورات العربية طبعا وجد رجال الدين كعادتهم دور لهم و باب رزق وجاء اليوم الأسود الذي ادخرهم له ملاكهم فاستنفروهم ليحرضوا في مكان و يثبطوا في مكان آخر طبعا لن أتحدث هنا عن الفراطات بل عن أبرزهم
فوجدنا مثلا شيخ الأزهر يفتي بعدم جواز الخروج على الحاكم مبارك و بعد سقوط مبارك وجدناه يتحول الى ثوري بين ليلة و ضحاها و في الحالة الليبية أجاز الخروج على الحاكم و كل هذه المواقف في أيام معدودات .
و اذا أتينا الى علماء السعودية فقد حرموا الخروج على رجل أمريكا مبارك و أجازوا الخروج على عدو آل سعود القذافي و حرضوا على متظاهري البحرين و حرموا التظاهر في السعودية و قد اعتمدوا في كل هذا على الشرع طبعا و لا داعي للشرح عن سر هذه المواقف المتناقضة مفهومة.
و أما ملك ملوك العلماء المسلمين القرضاوي فله شأن آخر ففي الحالة المصرية أيد الخروج على مبارك بعد تيقنه من سقوطه و حقيقة لم أفهم جيدا سر الموقف القطري هذا الغير متوقع من مبارك ربما دعما للأخوان المسلمين في مصر
أما عن القذافي فقد دعا الى قتله مفهوم و التزم الصمت حيال الحالة السعودية أما الحالة البحرينية فلأن قطر شريكة في جريمة قمع و قتل المتظاهرين فوجدناه يدافع عن ملك البحرين حمد و يفتري بالأكاذيب على متظاهري البحرين و يحرض عليهم طائفيا و يدعى كاذبا بأنهم مسلحون .
أما الحالة السورية فقد حرض طائفيا و طالب برئيس سني على حد قوله بل حدد الدستور القادم لسورية الذي يجب أن يكون اسلاميا في بلد متعدد الأديان و الطوائف و الأعراق و لم يكن بلدا اسلاميا في يوم من الأيام و هنا سأناقش هذه الحالة بالتفصيل لأنها مميزة .
سأتحدث بلغة و منطق القرضاوي فأنا شخصيا ضد الطائفية و الدينية و العرقية و العنصرية و لا مشكلة لدي مع أي انسان و أي حاكم الا بقدر ما يكون انسانا جيدا و صادقا ونزيها .
القرضاوي يريد رئيسا سنيا لسوريا حسنا ما العبرة من ذلك و ما أهمية أن يكون الرئيس سنيا تحديدا نريد أن نعرف ما ميزة السني لكي يكون وحده المسموح له بحكم سورية و باقي الأديان و الطوائف هم مجرد ضيوف في بلدهم و ممنوع عليهم أن يكون هناك حاكما منهم و لم يخبرنا القرضاوي وفق أي نموذج يريد الحاكم السني لسورية هل وفق النموذج السعودي أم وفق نموذج مبارك أم بن علي أم القذافي أم حمد أم عبدالله الثاني أم المغربي أم الصومالي أم الأفغاني أم الباكستاني أم السوداني أم نموذج بن لادن و الملا عمر أم عالدقة ونص كالسنيورة ألم يجعل منا هؤلاء مهزلة و مسخرة للعالم أجمع .
لدينا 22 دولة عربية يحكم اثنتين فقط منها هما سورية و لبنان رؤساء غير سنة في لبنان مسيحي و في سورية علوي أما العشرين الباقية فيحكمها رؤساء سنة و أنا أقول للقرضاوي اترك هذين الحاكمين الغير سنيين على جنب و أخبرني ماذا قدم الحكام العشرين الباقين السنة لشعوبهم و دولهم و للقضايا العربية و الاسلامية و للسنة تحديدا و لفلسطين و القدس و الأقصى و الفلوجة لكي تطالب بحاكم اضافي سني هل لديك نقص في الحكام السنة ماذا تريد أن تفعل بهم ألا يكفيك هؤلاء العشرين الذين دمروا دولهم و تآمروا على شعوبهم و شعوب المنطقة و جاؤوا بالاحتلال الينا و فتحوا له أراضيهم و مياههم و أجوائهم و سخروا له مخابراتهم و مواردهم و نفطهم و حاصروا المقاومة و حاربوها في غزة ولبنان و العراق و حرضوا عليها و دمروا العراق و ساعدوا على احتلاله الذي حكمه سني بالمناسبة و احتلال أفغانستان و قسموا السودان و اذا أضفت عليهم الحكام السنة من اندونيسيا الى الباكستان الى تركيا الى السنغال و ها هي أتتك ساحل العاج أيضا أخبرني ماذا قدم كل هؤلاء لقضايانا انه تحت امرة هؤلاء أكثر من مليار نسمة لماذا لم تحرر لنا فلسطين معهم هل تحرير فلسطين متوقف عندك على حاكم سورية ثم أن سورية حكمها سنة من الملك فيصل الى الشيشكلي الى الزعيم الى أمين الحافظ ماذا قدم هؤلاء لقضايانا عندما حكموا ألم يكونوا يباعوا و يشترون بأبخس الأثمان ألم يسلموا فلسطين هل سلمت فلسطين للصهاينة في ال 48 في ظل حكام غير سنة أليس من المفارقة أن يكون المدافعون عن قضايانا العربية العادلة هم من غير الحكام السنة من فنزويلا الى لبنان الى سورية الى ايران فهل من تفسير لمطالبتك المسمومة هذه سوى الفتنة و تفريق الصفوف يا ولي الله أم الأصح ولي الشيطان وعبد المال .
ثم أنه كثيرا ما نراك تتحدث عن الوسطية و الاعتدال و تشارك في منتديات حوار الأديان و التقريب بين الأديان مع ممثلي الصهاينة فأين ذهبت وسطيتك و اعتدالك هنا فهل تقتصر وسطيتك و اعتدالك على الموقف من متديني الصهيونية و التطبيع معهم فقط كأولياء أمورك و التقريب بين من يريد أن يبني الهيكل مكان الأقصى و من عليه أن يتنازل عن الأقصى لصالح الهيكل كعربون محبة و وئام و تعايش و سلام .
ثم وجدنا رجال دين سوريين يردون على القرضاوي و هم ليسو أكثر مصداقية و شرفا منه فالكل في الهوى سوا و لكن كل منهم يحارب على جبهته و عن مصالحه الخاصة باسم الدين .
ماذا علينا أن نفعل تجاه هؤلاء المنافقين تجار الدين ؟
كل ما علينا أن نفعله هو الاستفادة من تجارب الشعوب التي مرت بمثل ما نمر به و سبقتنا و وجدت الحل
ان أوروبا كانت تعيش في حالة من التخلف و الجهل و الظلم و الظلام عندما كان رجال الكنيسة هم أصحاب الرأي و الحكم وعندما قامت الثورة الفرنسية أول ما فعلته بعد القضاء على الملك هو القضاء على رجال الدين و التخلص منهم و من شرورهم و استغلالهم و ألقوا عدد منهم في البحر بكل ما تعني الكلمة من معنى و من ثم قاموا بتحجيم الكنيسة و لجم رجال الدين و محاصرتهم في الكنائس و تحديد مهامهم بالطقوس الدينية فقط .
و عند ذلك فقط انطلقت أوروربا و حققت ثورة علمية و تعليمية و صناعية وثقافية و ها هي تسبقنا بمئات السنين ونحن منشغلون بتفجير بعضنا بعضا ليعتاش رجال الدين على أشلائنا .
ما لم نبادر الى نزع القدسية عن رجال الدين هؤلاء و تحجيمهم و رجمهم بالأحذية و انزالهم عن المنابر و منعهم من التدخل في شؤوننا وحياتنا اليومية و السياسية و العلمية فلن تقوم لنا قائمة في يوم من الأيام .

صورة سوق الفتاوى على الهوى
الزنداني القرضاوي و عبد العزيز آل الشيخ

شاهد فيديو مثال آخر لنفاق القرضاوي بحسب المصلحة و خصوصا في حديثة عن العراق حيث لم يتطرق اطلاقا لأصل الحدث وهو الغزو الأمريكي و شركائه الخليجيين بل تناول القشور