16‏/05‏/2012

وزارة التبغيل و التجحيش

لا يمكنني أن أنسى كم أضاعت علينا ما تسمى وزارة التربية و التعليم من وقت ثمين من حياتنا على هراء و تخريف و أكاذيب و هبل و خرى كنا و ما زال أبناؤنا مجبرين في مدارسنا على مضغه و بلعه و اجتراره مرات و مرات و ترديده ببغائيا وفق مناهج لا تمت للواقع و الحقيقة والمنطق و العلم و المعرفة بصلة .
مناهج تحشى بها حشيا وعليك بصمها بحرفيتها بكل عيوبها و لا يسمح لك أن تحيد عنها أو تنتقدها أو تشغل عقلك و تفكر و تجيب بحريتك و بمنطقك و تعبر عن رأيك و فكرك الخاص .
فاذا استعرضنا يوم تلميذ في مدرسة سورية
يبدا مثلا بمادة العلوم فيعطوك دروسا عن حشائش السافانا متى تنمو و تتيبس في أفريقيا و يبئتها و مناخها المناسب و لا يعطوك كلمة واحدة عن زيتون بلدي اللهم الا آية التين و الزيتون و قد تجاوزت الأربعين من عمري و لم أستفد حتى الآن من معلومات حشائش السافانا هذه و خذ قياسا على ذلك.
ثم تدخل الى درس التربية الدينية و يبدأ المسلسل المكسيكي الطويل مع تخاريف و أكاذيب و مواعظ كاتب السيناريو الاعرابي أبو هريرة قدس الله سره و اسكنه فسيح جناته و هكذا من الصف الأول و حتى نهاية المدرسة يلاحقك أبو هريرة بمواعظه البدوية وهو لص و سارق لبيت مال المسلمين .
ثم يأتي درس التاريخ الأعرابي الاسطوري المزورعن بطولات العرب و المسلمين و غزواتهم و سلالاتهم و تاريخهم التليد المجيد الذي بدأ بالاسلام و انتهى عنده و لا شيء قبله و بعده فتحفظ اسماء الجواري و الغلمان الذي غنوا في حضرة الخليفة و لا تعرف اي كلمة عمن بنى و عاش في أفاميا أو ايبلا أو أوغاريت أو بصرى و لغتهم و حضارتهم و علمائهم و فلاسفتهم .
يأتي بعدها دور درس العربي و ما أكبر مخيلة العرب عن عنترة الذي غير مسار المعارك الخاسرة حتما و قلب النتيجة راسا على عقب بمجرد مشاركته بمفرده القتال و زرقاء اليمامة التي انقذت عشيرتها برؤية الأعداء على بعد يومين بالعين المجردة رغم أن كروية الأرض تمنع الرؤيا المباشرة على هذه المسافة و لكن هكذا أرادوا لنا أن نصدق و نؤمن فالعرب لا يكذبون .
و في النهاية يعطيك الأستاذ بيت الشعر :
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويتُ وإن ترشد غزية أرشدِ
و يقول لك ماهي عاطفة الشاعر فان أجبته بصدق و منطق و بما تفكر به كسوري حضري لا يعرف العشائرية و لا يقدسها
و قلت عاطفة الشاعر عاطفة بدوية بدائية قذرة حقيرة عصبية عشائرية همجية لا تترك مجالا للعقل و الانسانية فالشخص يسير مع عشيرته ظالمة أو مظلومة دون تفكير فانك ستطرد من الصف مع بهدلة و صفر.
أما اذا كذبت و قلت كما يريدون منك ان عاطفة الشاعر عاطفة عربية أصيلة تتفاخر بالانتماء و القبيلة و الأصل العريق و مناصرة القريب فانك ستحصل على المديح و العلامة الممتازة .
و أما مادة القومية فهنا تبدأ مع الفانتازيا و الدراما و حدث و لا حرج عن أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة لم تكن واقعا موجودا و حقيقة في يوم من الأيام فمن أين أتوا بتلك الرسالة الخالدة التي بقيت على الرف و لم يفتحها أحد حتى الآن و يقرأ ما بداخلها فربما رسالة مليئة بالشتائم و المسبات و من الزنار و تحت .
هذا هو حالنا يرعاكم الله و ما زلنا على الدرب سائرون .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يرجى كتابة تعليق بما يثري الموضوع و يفيد